الاثنين، سبتمبر 17، 2007

عصفوران بحجر

حجاج سلامة
انتشرت حالات زواج الشباب من أجنبيات في المدن السياحية بصعيد مصر (الأقصر والبحر الأحمر وأسوان) بشكل ملحوظ، وصارت ظاهرة تهدد التركيبة الاجتماعية المتوارثة في تلك المدن، بل وأصبحت سببا في ارتفاع نسبة انتشار العنوسة وتأخر سن الزواج لدى الفتيات بتلك المدن. وتعد مدينة الأقصر التاريخية أكبر معقل لهذه الظاهرة، إذ لا يخلو شارع في المدينة من عجوز أجنبية بصحبة شاب في العقد الثاني أو الثالث من العمر. وكأن هؤلاء العجائز اللاتي قد من بلاد شتى قد أتين إلى مصر تحت تأثير ما كتبه بعض علماء المصريات الأوروبيين عن الأسرة والزواج في مصر القديمة مثل قول بعضهم: "لا يدهش الأوروبي اليوم للأسرة المصرية القديمة إذ تتفق آراؤها تماما مع آرائه. فلا شيء فيها من أفريقيا البدائية. وتختلف عادتها عن العادات الشرقية، إذ كانت الأسرة في مصر القديمة تتكون من زوج وزوجة يتمتعان بقسط وافر من الحرية الشخصية والمالية. وكانت الزوجة تقاسم زوجها مسكنه وقبره... وكثيرا ما يضاف اسم الأم إلى اسم الابن فيقال: "فلان ابن فلان ولدته ربه الدار فلانه". أو ربما سعيا وراء فحولة هؤلاء الشباب كما رأى أحد الباحثين، أملا في أن يعدن الأيام الصبا على هؤلاء الشباب.

والطريف أن الكثير من الأسر في صعيد مصر باتت تبارك زواج أبنائها من الأجنبيات عكس ما كان قبل سنوات ليست بالبعيدة حين كانت ابنة العم هي المفضلة في الاختيار للزواج. وإذا كان ابن العم لا يرغب في هذه الزيجة فعليه أن يعلن أنه لا يفكر في الزواج، وأنه لن يعارض إذا تزوجت ابنة عمه من آخر. إذ كان الزواج من ابنة العم أو الزواج من أرملة الأخ عادة قديمة من أجل الحفاظ على وحدة العائلة وحماية أرضها الزراعية حتى لا يقتسمها شاب آخر مع العائلة بسبب هذه الزيجة.

وليس كل زيجات الشباب المصري من أجنبيات في المدن السياحية بالصعيد شرا، فهناك زيجات متكافئة، أي هناك تكافؤ بين الطرفين في السن والثقافة، وحدثت بعد قصة حب جمعت بين الطرفين، وهي زيجات مستقرة إلى حين.

أسباب الظاهرة

ترجع أسباب زواج الشباب من أجنبيات في مدن الصعيد إلى عوامل متعددة يأتي في مقدمتها الظروف الاقتصادية وانتشار البطالة بين هؤلاء الشباب الذين يجدون في الزواج صفقة رابحة تحقق لهم العديد من الأحلام التي تراود فكرة. كان يحصل على جنسية أخرى تحقق لهم بعض طموح الشباب المنبهر بالقرب على الدوام، ويجني بعض الأموال، فيقيم مشروعا يدر له خلا ويبني مسكنا طالما حلم به... وهكذا صار الزواج من أجنبية هو نوع من أنواع السعي للرزق. والقليل من أسباب هذا الزواج ترجع إلى رغبة الشباب في الهروب من ظروفهم الحياتية الصعبة، إذ يعيش الكثير من هؤلاء الشباب بين سند أن احتياجاته الفسيولوجية ومطرقة العادات والتقاليد التي تقف حائلا دون تحقيق الزواج بسهولة، فالشاب بلا عمل أو وظيفة وعجلة الحياة تدور فيتقدم به السن دون أن يحقق ما يريد. وبدلا من السقوط في الهاوية والوقوع في الرزيلة -على حد قول البعض- والسقوط فريسة للمجتمع الذي يشجب كل علاقة بين شاب وفتاة، فيضطر إلى السعي إلى الزواج من أجنبية ليضرب بذلك عصفورين بحجر واحد، فيشبع رغبته ويحصل على المال. وقد يكون بعض هذه الزيجات للتنفيس عن الرغبة والكبت الجنسي دون النظر للمال.

مشكلات

كثيرة هي المشكلات المترتبة على الزواج المختلط، أو ما يسمى بالزواج من أجنبيات في صعيد مصر ومتنوعة وعديدة ومنها الاجتماعية ومنها الاقتصادية والقانونية... فالعلاقة الزوجية بين مصري وفرنسية أو مصري وأمريكية أو مصري وإنجليزية هي علاقة بين هويتين مختلفتين تثير مشاكل قانونية عدة كثيرا ما تؤدي إلى الاصطدام والنزاع نتيجة اختلاف تربية ودين وتقاليد وعادات كل من الزوجين فعقد الزواج في الإسلام يعتبر ميثاق ترابط وتماسك شرعي بين رجل وامرأة على وجه البقاء، حسب أحد الباحثات المعنيات بظاهرة الزواج المختلط، أما عقد الزواج في القانون الوضعي الأوروبي فهو ميثاق ترابط وتعاقد مدني هدفه إنشاء أسرة، واهم الفوارق بين العقدين الشرعي والوضعي التي تؤدي إلى تصادم واختلاف الزوجين هو حرص الزوج المصري على قيادة الأسرة طبقا لعادات ومورثات وقوانين بلده وذلك في الوقت الذي تصرفيه زوجته الأجنبية على آن تكون هذه المسئولية مشتركة بينهما وما يتبع ذلك من عدم إمكانية ضمان تربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة إسلامية تحافظ على مقومات هويتهم الوطنية وتأثير هؤلاء الأبناء بالحياة القريبة المتسمة بالإباحية والبعد عن الأخلاق الإسلامية وازدواج ولاء الأبناء لوطن أبيهم وجنسية أمهم... وقد شهدت مدن صعيد مصر العديد من الصراعات والنزاعات القضائية وغير القضائية بين أزواج مصريين وزوجات أجنبيات... ولعل قيام أحد هؤلاء الأزواج بخطف عدد من السايح الألمان واجتيازهم بمدينة الأقصر قبل أكثر من عامين بهدف الضغط على الخارجية الألمانية لإعادة أبنائه له بعد أن اختطفتهم زوجته الألمانية لهو دليل على تفاقم تلك المشكلات الناتجة عن الزواج المختلط بين مصرين وأجنبيات.

حول الظاهرة

يتحدث البعض أن زواج الأجنبيات من مصريين أصبح نمطا من أنماط السياحة، وهو ما يمكن أن يطلق عليه "السياحة الجنسية"، وخاصة كبار السن من السائحات اللاتي يأتين بصفة منتظمة بهدف الزواج وإقامة علاقة مع شاب.

بعض الزوجات المصرية يشجعن أزواجهن على الزواج من أجنبيات لتحسين مستوى معيشتهم.

ساهمت ظاهرة الزواج من أجنبيات في تحسين معيشة ومستوى العشرات، بل والمئات من الشباب الذين أقاموا مساكن جديدة وامتلكوا المشروعات والسيارات الفارهة.

من المثير والغريب أن السائحات الأجنبيات اللاتي يتزوجن من مصريين في المدن السياحية بالصعيد هن من الشخصيات الاجتماعية المرموقة في بلادهن مثل الطبيعة وضابطة الشرطة وأستاذة الجامعة وسيدة الأعمال التي تأتي لتتزوج من شخص قد لا يجيد القراءة والكتابة سو التحدث بالإنجليزية على طريقته الخاصة.

أغلب الزوجات يعلمن أن أزواجهن المصريين ارتبطوا بهن من أجل المال.

ينتقد الكثيرون الزواج من أجنبيات فوق سن الستين والسبعين.

البعض يرى أن ظاهرة الزواج من أجانب ترجع إلى انعدام الوعي ووجود فراغ فكري وثقافي لدى الشباب، وكذلك الانحلال الأسرى وغياب القدوة.

البعض يرى هذه الظاهرة بأنها محاولة لاختراق الشباب المصري واختراق عقله وفكره وهويته. وأخطر ما في الأمر أن هناك شباب ارتبطوا بعلاقات حميمة مع رجال من شواذ الغرب. وخاصة في منطقة جزيرة البعيرات والعوامية والكرنك في الأقصر.

هناك تعليق واحد:

محمد عـنـانـى يقول...

بجد موضوعك رائع
انا احيك بشده
بارك الله فيك
اسال الله لك العافيه وان يرزقق فى رمضان بنعم الاجر والثواب
تحياتى