الأحد، ديسمبر 31، 2006

الباكون على صدام

جمال بدوى
الوفد

قوبل نبأ إعلان صدام حسين بتنديد في العواصم الغربية، باستثناء أمريكا، ليس حبا في صدام، ولكن اعتراضا علي عقوبة الإعدام التي يطالبون بإلغائها، وهي العقبة التي تحول دون انضمام تركيا الي عضوية الاتحاد الأوروبي. ** أما في العالم العربي فقد انقسم الناس بين مبتهج وغاضب، وغالبية المبتهجين من الشيعة والأكراد وكل الطوائف التي أصيبت بالأذي في عهد صدام، أما غالبية المسلمين فقد ساءهم إعدام صدام في عيد الضحية،
وقد اختلطت هـذه الغضبة المشروعة بمشاعر البكاء علي صدام باعتباره البطل الذي قال »لا« للولايات المتحدة، والذي صعد إلي المشنقة وآخر كلماته »فلسطين عربية«(!!)
** وإذا كان علينا أن نحترم مشاعر الجميع، فإن الواجب يحتم علينا نزع الغشاوة عن أعين المشايعين لصدام، والذي نخدعتهم الشعارات التي رفعها طوال سنوات حكمه، فلم يحرر شبرا من أرض فلسطين، ولم يعد لاجئا فلسطينيا إلي وطنه، بل استخدم قضية فلسطين للمتاجرة والمزايدة والابتزاز واللعب بمشاعر العرب والمسلمين، واتخذ منها مبررا للاستبداد والطغيان وكبت الحريات، مثل كل الأنظمة العربية، ولكنه يتميز عنها بفداحة وحشيته، وارتكب من جرائم القمع والتدمير ما لم نسمع به إلا علي يد »هولاكو« (!!)
** ان الذين يريدون أن يجعلوا من قبر صدام مزارا مقدسا: عليهم أن يتذكروا أن صدام صنيعة أمريكية، استخدمته الولايات المتحدة في حرب إيران واحتلال الكويت، وجعلت منه »فزاعة« لتخويف الدول النفطية، حتي خضعت وفتحت أراضيها وبحارها وأجواءها للجيوش الأمريكية لتحميها من خطر صدام (!!)
** وعلي الذين يتباكون علي صدام حسين أن يذكروا المذابح الجماعية التي ارتكبها ضد الأكراد والشيعة في العراق، مما دفعهم إلي الانفصال عن دولة العراق، وتشكيل كنتونات هزيلة عرقية ومذهبية، لقد دق صدام إسفين التفكك وترك للأمريكان مهمة ترسيخه وتعميقه وهو الذي صب الزيت علي نار الطائفية، وجاء الأمريكان ليشعلوها حربا أهلية (!!)
** وعلي الذين يبكون علي صدام أن يتخلصوا من المشاعر العاطفية وينظروا إلي العراق نظرة واقعية بعد أن ضاع علي يد صدام حسين أولا، وتمزق علي أيدي الأمريكان ثانيا، فكل مايجري في العراق الآن وغدا، هو ثمرة خبيثة لعهد الإرهاب الأسود الذي فرضه صدام حسين علي هذا البلد العريق.

ليست هناك تعليقات: