السبت، يناير 13، 2007

شعب اخر من اللاجئين!

عباس الطرابيلي


عباس الطرابيلي
الوفد

كأن العالم العربي ينقص شعباً آخر من اللاجئين.. فنجد أن العراق ـ الذي كان من أغني شعوب المنطقة ـ ينضم إلي طابور اللاجئين. إذ عندنا تجربة فلسطين منذ عام 1948.. والذي خرج شعبه طلباً للأمان معتقداً أن الحكومات العربية المجاورة قادرة بجيوشها علي إعادته.. خلال أيام!! وعندنا في السودان تجربتان: جنوب السودان الذي لجأ مئات الألوف من أبنائه إلي الدول المجاورة، وبالذات إلي أوغندا..
والذي لجأ أبناء غرب السودان من دارفور إلي الدول المجاورة وبالذات إلي تشاد.
وعندنا تجربة الصومال الذي هرب الكثير من أبنائه إلي كينيا وإلي إثيوبيا وتنزانيا.. وبعضهم هرب لليمن معرضاً نفسه للموت غرقاً في مياه المحيط الهندي.. وعندنا أيضاً أبناء إقليم الصحراء المغربية الذي تعيش مئات منه في جنوب صحراء الجزائر..
** وها هو شعب العراق ـ 26 مليون نسمة ـ يدخل دوامة الصراعات، فيضطر الملايين منه إلي الهرب، إما إلي الداخل مستهدفاً الهروب من مناطق الصراع.. أو إلي الخارج.
والكلام ليس من عندي، إنه صادر من مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والذي يصف ما يجري في العراق بأنه أكبر عملية لجوء أو نزوح للسكان في المنطقة منذ وقعت مأساة فلسطين عام 1948.
** ويؤكد التقرير أن واحداً من كل ثمانية هربوا من مساكنهم وأن أكثر من مليوني عراقي قد فروا ولجأوا إلي دول مجاورة. وأن العام الماضي وحده قد هرب خلاله حوالي نصف مليون عراقي إلي الداخل.
أما الذين هربوا للدول المجاورة فكان منهم حوالي مليون إلي سوريا و700 ألف إلي الأردن و80 ألفاً إلي مصر، وكذلك 40 ألفاً إلي لبنان.. هذا غير الذين فروا أو هربوا إلي تركيا.
** ولا أحد يعرف متي تنتهي مأساة شعب العراق.. فها هو الرئيس الأمريكي يأمر بإرسال قوات أمريكية جديدة إلي هناك، أي أنه يستعد، ليس لمعركة فاصلة ضد المقاومة.. ولكن لمعركة طويلة المدي قد تستمر سنوات. وإذا كانت هذه هي أرقام اللاجئين الذين يفرون من الصراع الطبقي فإن عدد الذين قتلوا من العراقيين يتجاوز الآن 650 ألف مواطن.
فهل تريد أمريكا أن تقول إن حكم صدام حسين الدموي كان أكثر رحمة من أمريكا وقوات أمريكا.. وأن حكم صدام الرهيب كان يوفر للعراقيين لقمة العيش.. بينما أمريكا تعجز عن توفيرها لهذا الشعب الذي كان من أكثر شعوب المنطقة اكتفاءً ورفاهية!!
** وهل يطول لجوء كل هؤلاء في الدول المضيفة إلي سنوات عديدة كما حدث بالنسبة لشعب فلسطين.. أم أن الأوضاع هناك سوف تستقر قريباً، ويتم الجلاء الأنجلو ـ أمريكي عن أرض العراق ويعود اللاجئون إلي ديارهم، وقد استقرت فيها الأوضاع..
أغلب الظن أن القضية سوف تطول.. لأن السياسة الأمريكية التي تقوم علي المبدأ الاستعماري القديم: فرق تسد سوف تستمر بعد أن نجحت في بذر بذور الفتنة والشقاق بين كل أطياف الشعب العراقي.. من سنة وشيعة وشركس وتركمان.. فضلاً عن الأكراد في الشمال العراقي..
** ومن المؤكد أن السياسة الحالية للحكومة العراقية التي تحكم نظرياً بينما أمريكا هي الحاكم الفعلي سوف تترك لنا المزيد من اللاجئين في بلد يملك ثروات هائلة من البترول والزراعة والصناعة والمياه الوفيرة.
ولم تدخل أمريكا بلداً إلا ودمرته.. ولم تخرج من أي بلد إلا بعد أن تمزقه..
** ولكننا نرفض أن يتحول العراق إلي شعب من اللاجئين.

ليست هناك تعليقات: