السبت، يناير 13، 2007

فلتحيا حقوق الانسان


«هيومان رايتس ووتش» توجه انتقادات شديدة لممارسات حقوق الإنسان في مصر
المصرى اليوم ١٣/١/٢٠٠٧
انتقدت منظمة هيومان رايتس ووتش ممارسات مصر فيما يتعلق بحقوق الإنسان، ورصدت في تقريرها السنوي لعام ٢٠٠٧ الذي أصدرته أمس الأول، انتهاكات عديدة للسلطات المصرية في عام ٢٠٠٦ منها التعامل بعنف مع المعارضة السياسية والمتهمين في الجرائم الجنائية،
وقال التقرير: إن أجهزة الأمن والشرطة دأبت علي تعذيب المعتقلين وإساءة معاملتهم أثناء الاستجوابات، وتضمن التقرير حالات تعذيب واعتداءات جنسية من جانب ضباط في أمن الدولة علي مواطنين، وأشار التقرير إلي حدوث تراجع كبير في حرية الرأي والتعبير،
وانتقد التعديلات التي وقعها الرئيس حسني مبارك علي قانون الصحافة والذي لم يمس البنود التي تجيز اعتقال الصحفيين كما انتقد القيود الصارمة علي الحق في تكوين الجمعيات والتنظيمات السياسية وإساءة معاملة الأطفال في الشوارع،
وطالب باتخاذ خطوات إضافية في تعديل القوانين التي تنطوي علي تمييز ضد النساء والأطفال، وأشار إلي استمرار التعصب الديني والتمييز ضد الأقليات الدينية وتطرق التقرير إلي دور الأطراف الدولية الرئيسية وخاصة الولايات المتحدة في الضغط علي الحكومة المصرية بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية.
وبدأ التقرير بسرد أحداث عام ٢٠٠٦ قائلاً: إن السلطات المصرية أظهرت نوعاً من الشدة ضد المعارضة السياسية، وفي أبريل ٢٠٠٦ جددت الحكومة حالة الطوارئ لمدة عامين إضافيين، موفرة بذلك أساساً متواصلاً للاحتجاز التعسفي والمحاكمات أمام محاكم عسكرية، ومحاكم أمن الدولة وما برح التعذيب علي أيدي قوات الأمن يمثل مشكلة خطيرة.
وأضاف، أنه بعد فترة من التساهل النسبي مع المعارضة السياسية في مطلع عام ٢٠٠٥، غيرت الحكومة نهجها بدءاً من أواخر عام ٢٠٠٥ ففي نوفمبر ٢٠٠٥ ردت الحكومة علي الأداء القوي لجماعة الإخوان المسلمين في الجولة الأولي من انتخابات مجلس الشعب بارتكاب مخالفات واسعة النطاق، وباستخدام العنف علي أيدي الشرطة وجماعات أمن أهلية تابعة للحزب الحاكم في الجولتين التاليتين من الانتخابات، وعاودت الحكومة حملتها علي جماعة الإخوان المسلمين في مارس ٢٠٠٦، فألقت القبض علي ما لا يقل عن ٧٩٢ من أعضاء الجماعة المحظورة علي مدار الشهور الستة التالية وكانت هذه الحملة بمثابة مؤشر علي استمرار القيود المفروضة علي حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير في مصر.
وتناول التقرير قانون الطوارئ فذكر أنه في أبريل ٢٠٠٦ جددت الحكومة العمل بقانون الطوارئ «القانون رقم ١٦٢ لعام ١٩٥٨» لمدة عامين إضافيين، وقد ظلت حالة الطوارئ سارية دون انقطاع منذ أكتوبر ١٩٨١، وبالرغم من تصريح الرئيس حسني مبارك خلال الحملة لإعادة انتخابه رئيساً في سبتمبر ٢٠٠٥، بأنه يعتزم إنهاء حالة الطوارئ فقد ادعي بعض المسؤولين أن تجديد العمل بها أمر ضروري نظراً لعدم الانتهاء من صياغة مشروع القانون الذي وصفه مبارك بأنه قانون صارم وحاسم للقضاء علي الإرهاب وعلي ما يمثله من أخطار.
وعن العنف السياسي والأمن الداخلي قال إنه في ٢٤ أبريل ٢٠٠٦ وقعت ثلاثة انفجارات في منتجع دهب السياحي في سيناء، مما أسفر عن مصرع ٢٣ وجرح أكثر من ٨٠ شخصاً، وهذه هي المرة الثالثة خلال عامين التي تقع فيها مثل هذه الهجمات في منتجعات سيناء السياحية وفي أعقاب الهجوم الأول، والذي تمثل في انفجار سيارات مفخخة في منتجع طابا السياحي في أكتوبر ٢٠٠٤، شنت السلطات حملات اعتقال تعسفية واسعة النطاق،
واحتجزت حوالي ثلاثة آلاف شخص للتحقيق معهم، ولا يزال أكثر من ١٠٠ منهم رهن الاحتجاز دون تهمة لدي كتابة هذا التقرير، وفي يوليو ٢٠٠٥ وقعت سلسلة من التفجيرات المدمرة في شرم الشيخ، أعقبتها موجة أخري من الاعتقالات الواسعة النطاق وقد ذكرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أنه بحلول أغسطس كان هناك ٣٠٠ شخص قد احتجزوا بسبب هذه التفجيرات.
وفي ٧ سبتمبر ٢٠٠٦، أصدرت محكمة أمن الدولة العليا «طوارئ» حكماً بالإعدام علي كل من أسامة النخلاوي ومحمد حسين لما زعم عن دورهما في تفجيرات طابا. واستند الحكم إلي ما سماه المتهمون اعترافات ملفقة انتزعت تحت وطأة التعذيب، كما صدر الحكم غيابياً علي رجل ثالث، توفي في معركة بالأسلحة النارية مع الشرطة وبحلول منتصف نوفمبر ٢٠٠٦، كان هناك ١٢ شخصاً آخرين يمثلون للمحاكمة لما زعم عن دورهم في تلك التفجيرات.
وبشأن التعذيب قال التقرير: لا تزال منظمات حقوق الإنسان تتلقي أنباء موثوقة تفيد بأن أجهزة الأمن والشرطة دأبت علي تعذيب المعتقلين وإساءة معاملتهم خاصة أثناء الاستجواب، ففي ٢٥ مايو ٢٠٠٥ اعتقل ضباط من أمن الدولة كلاً من كريم الشاعر ومحمد الشرقاوي، وانهالوا عليهما بالضرب المبرح كما اعتدوا جنسياً علي محمد الشرقاوي وكانت السلطات قد اعتقلت الاثنين لمشاركتهما في مظاهرات للتضامن مع نادي القضاة.
وتناول التقرير حرية التجمع قائلاً، قبل بزوع شمس يوم ٣٠ ديسمبر ٢٠٠٥، استخدمت الشرطة القوة المفرطة لتفريق ما يقرب من ٢٠٠٠ سوداني، بينهم كثير من اللاجئين وطالبي اللجوء كانوا قد اعتصموا علي سبيل الاحتجاج بالقرب من مقر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في القاهرة لما يزيد علي ثلاثة أشهر،
وقد لقي ٢٧ سودانياً مصرعهم، وكان أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، كما توفي صبي يبلغ من العمر ١٤ عاماً بعد شهر في المستشفي حيث كان يعالج من الإصابات التي لحقت به خلال الاشتباك. وقد أفرج خلال أيام قلائل عن معظم المعتصمين الذين كانوا يحملون ما يثبت وضعهم كلاجئين أو طالبي لجوء، بينما أطلق سراح الباقين علي مدي الشهرين التاليين.
وفي الساعات الأولي من صباح يوم ٢٤ أبريل ٢٠٠٦، انهال أفراد من الشرطة يرتدون ملابس مدنية بالضرب علي نشطاء نظموا اعتصاماً للتضامن مع اثنين من كبار القضاة، كانا يواجهان إجراءات تأديبية بعدما انتقدا علناً بعض المخالفات التي وقعت أثناء الانتخابات، كما طالبا بمزيد من استقلال القضاء، وفي مظاهرات لاحقة اعتدت الشرطة بالضرب علي عشرات المتظاهرين واعتقلت مئات آخرين. وفي مظاهرة اندلعت يوم ١١ مايو اعتدت الشرطة أيضاً علي بعض الصحفيين ومن بينهم عمرو عبدالله، وهو مصور في صحيفة المصري اليوم، وعبير العسكري وهي كاتبة في صحيفة الدستور وياسر سليمان مصور في قناة الجزيرة، ونصري يوسف من فريق التسجيل في القناة.
وعن حرية التعبير قال التقرير إنه في ٢٤ مايو وجهت نيابة أمن الدولة إلي وائل الإبراشي وهدي بكر، وهما صحفيان في صحيفة صوت الأمة الأسبوعية المستقلة، وعبدالحكيم عبدالحميد رئيس تحرير صحيفة آفاق عربية الأسبوعية، تهمة السب والقذف في حق محمود برهام وهو القاضي الذي كان مسؤولاً عن اللجنة العامة للانتخابات في إحدي دوائر محافظة الدقهلية،
وكان هؤلاء الصحفيون قد نشروا مقالات في ديسمبر ٢٠٠٥ تضمنت «قائمة سوداء» بالحروف الأولي لأسماء بعض القضاة، وأشارت ضمناً إلي أن محمود برهام كان ضالعاً في تزوير الانتخابات وقد قرر رئيس المحكمة التي تنظر القضية تأجيلها مرتين ولم يكن قد فصل في المحاكمة حتي وقت كتابة هذا التقرير.
وفي ٢٦ يونيو أصدرت محكمة محلية حكماً بالسجن لمدة عام علي إبراهيم عيسي رئيس تحرير صحيفة الدستور الأسبوعية المعارضة وسحر زكي المحررة في الصحيفة بتهمتي «إهانة رئيس الجمهورية»، و«نشر شائعات كاذبة ومغرضة»، بعدما نشرا أنباء عن قضية رفعت ضد الحكومة، وفي وقت كتابة هذا التقرير كان الاثنان مطلقي السراح في انتظار البت في الاستئناف المقدم منهما.
وفي ١١ يوليو وقع الرئيس مبارك علي تعديل لقانون الصحافة لم يمس البنود التي تجيز اعتقال الصحفيين الذين ينتقدون الرئيس أو القادة الأجانب أو ينشرون أنباء «من شأنها.. المساس أو الإضرار بالمصالح الوطنية».
ويتضمن «قانون ممارسة الحقوق السياسية» «القانون رقم ٧٣ لعام ١٩٥٦» والذي عدل في عام ٢٠٠٥ بعض البنود التي تجيز فرض عقوبات جنائية علي الصحفيين والناشرين الذين يدانون بتهمة نشر «معلومات كاذبة» بقصد التأثير علي نتائج الانتخابات.
وحول حرية تكوين الجمعيات قال تقرير هيومان رايتس ووتش: يفرض القانون المصري المنظم للجمعيات الأهلية «المنظمات غير الحكومية»، وهو القانون رقم ٨٤ لعام ٢٠٠٢ قيوداً صارمة علي الحق في حرية تكوين الجمعيات، إذ يتيح للحكومة سيطرة لا مسوغ لها علي إدارة وأنشطة الجمعيات الأهلية، وينص القانون علي فرض عقوبات جنائية علي من يزاول أنشطة إحدي الجمعيات الأهلية قبل قيدها رسمياً، وكذلك علي تلقي تبرعات لصالح إحدي الجمعيات الأهلية دون الحصول علي إذن مسبق من وزارة الشؤون الاجتماعية.
ويقضي القانون بفرض عقوبات جنائية، وليست مدنية، علي بعض الأنشطة الأخري بما في ذلك المشاركة في أي من الأنشطة السياسية أو النقابية التي تعد من اختصاصات الأحزاب السياسية والنقابات، ومن شأن العبارات الفضفاضة التي صيغت بها أنواع الحظر هذه أن تحول دون ممارسة الأنشطة المشروعة للمنظمات غير الحكومية.
كما تواصل السلطات المصرية فرض قيود صارمة علي التنظيمات السياسية، وفي يوليو ٢٠٠٥ أقر مجلس الشعب تعديلات قدمتها الحكومة علي «قانون الأحزاب السياسية» «القانون رقم ٤٠ لعام ١٩٥٦» تنص علي أن يصبح أي حزب سياسي جديد مسجلاً قانوناً بصورة تلقائية إذا لم تعترض علي طلبه لجنة شؤون الأحزاب السياسية التي يرأسها أمين عام الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، كما تنص التعديلات علي منح لجنة شؤون الأحزاب السياسية صلاحية تجميد أنشطة أي من الأحزاب القائمة، إذا ما رأت أن هذا الإجراء يخدم «المصلحة الوطنية»، وكذلك إحالة من يزعم أنها خالفت نصوص القانون إلي النائب العام.
وتطرق التقرير إلي إساءة معاملة أطفال الشوارع، فقال: تشن الحكومة من حين لآخر حملات اعتقال لأطفال الشوارع المشردين أو المتسربين من المدارس، والذين لم يرتكبوا أي جريمة وكثيراً ما يتعرض هؤلاء الأطفال أثناء احتجازهم للضرب والإيذاء الجنسي والابتزاز علي أيدي أفراد الشرطة والمشتبه فيهم من البالغين.
وعن حقوق المرأة قال بالرغم من الإصلاحات التي أدخلت مؤخراً علي القوانين المصرية المتعلقة بالأسرة والجنسية، فإن ثمة ضرورة لاتخاذ خطوات إضافية من أجل تعديل القوانين التي تنطوي علي تمييز ضد النساء والفتيات، ومحاكمة من يرتكبون حوادث العنف بسبب النوع، ومنح النساء والفتيات حقوق المواطنة علي قدم المساواة مع الرجال وقد كان من شأن قوانين الأحوال الشخصية التي تنطوي علي التمييز، والتي تنظم أمور الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والميراث أن ترسخ مكانة المرأة كمواطن من الدرجة الثانية في نطاق الحياة الخاصة، ولا يكفل قانون العقوبات منع حوادث العنف في محيط الأسرة أو معاقبة مرتكبيها علي نحو فعال، أما الشرطة فلا تتعاطف عادة مع شكاوي النساء والفتيات المعتدي عليهن.
كما تناول التعصب الديني والتمييز ضد الأقليات الدينية، وأشار إلي أنه بالرغم من أن الدستور المصري يكفل للمواطنين المساواة في الحقوق بغض النظر عن الدين، فلا تزال هناك مشكلة تتمثل في التمييز ضد المسيحيين المصريين وعدم تسامح السلطات مع البهائيين والمذاهب الإسلامية غير التقليدية، ويمكن للمصريين غير المسلمين اعتناق الإسلام دون مشاكل بصفة عامة، أما المسلمون الذين يعتنقون المسيحية فيواجهون مشاكل في الحصول علي وثائق هوية جديدة، وقد ألقي القبض علي بعض من تحولوا إلي المسيحية بزعم أنهم زوروا هذه الوثائق ويحظر القانون المؤسسات والأنشطة الجماعية للبهائيين.
وانتهي التقرير بالحديث عن الأطراف الدولية الرئيسية ذات الصلة فقال: إن الولايات المتحدة لا تزال أكبر مصدر للمساعدات العسكرية والاقتصادية بالنسبة لمصر، ففي عام ٢٠٠٦ بلغت المعونات العسكرية الأمريكية نحو ١.٣ مليار دولار، والمساعدات الاقتصادية نحو ٤٩٠ مليون دولار، وفي يونيو ٢٠٠٦ رفض الكونجرس الأمريكي اقتراحاً بإجراء تعديل في برنامج المساعدات، كان من شأنه خفض ١٠٠ مليون دولار من مجموع المساعدات الأمريكية، وذلك رداً علي سجل مصر السيئ في مجال حقوق الإنسان.
وفي عام ٢٠٠٦ خففت إدارة الرئيس بوش من ضغوطها العلنية علي الحكومة المصرية فيما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية، فأثناء زيارة إلي القاهرة في عام ٢٠٠٥ تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بعبارات قوية عن أهمية الإصلاح السياسي في مصر،
وعلي العكس من ذلك شددت تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين في عام ٢٠٠٦ علي أن التغيير يجب أن يأتي من الشعب المصري والحكومة المصرية، وبالرغم من أن الحكومة الأمريكية واصلت الإعراب عن قلقها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر فلم تعقب ذلك أي نتائج ملموسة.
وفي أبريل ٢٠٠٦ صوت البرلمان الأوروبي علي جعل احترام حقوق الإنسان إحدي الأولويات في مفاوضاته الجارية مع مصر بخصوص خطة عمل بين الاتحاد الأوروبي ومصر في إطار سياسة الجوار الأوروبية، وبحلول أكتوبر ٢٠٠٦ كانت المفاوضات لا تزال متوقفة بسبب الخلاف علي الصياغات المتعلقة بحقوق الإنسان ويذكر أن الموعد النهائي للتوصل إلي اتفاق هو أول يناير ٢٠٠٧.

ليست هناك تعليقات: