الأربعاء، يناير 10، 2007

لماذا المادة 77؟

جمال بدوي
الوفد

يري بعض المعلقين أن الحوار الصاخب حول المادة »77« هو نوع من »المزايدة« على ما هو متاح في التعديلات الدستورية المرتقبة.. والاتهام بالمزايدة سلاح عتيق يشهر دائما في وجه دعاة الاصلاح حتي يكفوا عن الكلام، ويلزموا الصمت إيثارا للسلامة، ونأيا بأنفسهم عن الوقوع في المحظور »!!« ** وإذا كان البعض يري في كثرة الكلام عن المادة »77« نوعا من المزايدة، فهي مزايدة صحية ومفيدة،
لأنها تزايد علي مزيد من المكاسب لهذه الأمة التي شقيت طويلا من جراء الاستئثار بالسلطة منذ يوليو ،1952 وحصرها في قيادات من طبيعة واحدة، ومصادرة حق الشعب في اختيار دماء جديدة تتلاءم مع التغيرات التي طرأت علي مصر والعالم خلال نصف قرن.
** نحن الآن واقفون في محطة التعديلات الدستورية للنظر في الصيغة الدستورية الحاكمة، ووضع القواعد التي تحدد شكل الحكم في المستقبل المنظور ثم نفاجأ ببقاء المادة »77« خارج إطار التعديلات حتي تبقي كالصخرة الصماء التي تحول دون تدفق مياه جديدة تعيد الحيوية والنشاط إلي الحياة السياسية المصرية.
** لماذا طلب الرئيس مبارك تعديل المادة »76« وتمسك بالمادة »77« مع أنهما متلازمتان. وترتبط كل منهما بالأخري. فالأولي كانت تضمن التجديد لرئيس الجمهورية في منصبه عن طريق الاستفتاء. والثانية تضمن له نفس البقاء الابدي عن طريق التجديد المطلق وبعد طول تجربة، وتحت ضغط دعاوي الاصلاح السياسي: اكتشف الرئيس مبارك أن »الاستفتاء« إجراء شكلي معدوم القيمة والفعالية، وأنه مجرد حلية مزيفة لم تفلح في خداع 99% من المصريين الذين دأبوا علي مقاطعة هذه الاستفتاءات. وكان تعديل المادة »76« يقتضي تلقائيا تعديل المادة التالية لها والتي تطلق فترات الرئاسة بدون حد أقصي وفقا لتعديل ،1980 ولكن الرئيس لم يطرحها للتعديلات، وفكرته في ذلك أنه لايجوز أن نمنع الرئيس القائم من البقاء في منصبه إلي الابد، ونحرم البلاد من خبرته، كذلك فان من حق الشعب أن يختار من يشاء ويرفض من يشاء، عند الانتخابات الرئاسية.
** هذا كلام سليم من الناحية النظرية.. ولكنه أبعد مايكون عن الواقع من الناحية العملية، فكانت انتخابات الرئاسة في سبتمبر 2005 صورة هزلية من هذا الواقع.. فهل المطلوب استمرار هذه الصورة وتكرارها في كل انتخابات رئاسية قادمة؟ ومتي تستطيع الحياة السياسية المصرية أن تقدم منافسين علي قدم المساواة مع رئيس قائم ومن خلفه دولة وحكومة وهيلمان ليس له حدود »!!«
** كيف تنضج الحياة الحزبية وتفرز قيادات صالحة للرئاسة إذا ظل كامنا في الوعي العام أن منصب الرئاسة محصن ومدجج وغير قابل لتبديل الجالس عليه..؟ أظن أن من واجب الذين يتكلمون عن المزايدة أن يكفوا عن التلاعب بالكلمات. ولا داعي للف والدوران وإلقاء التبعة علي الشعب وتحمله مسئولية الاختيار.. لأن الاختيار الحر يعني تحطيم القيود والأغلال حتي يصبح الشعب قادرا علي السباحة في الماء النقي.

ليست هناك تعليقات: